ما هو علم الاقتصاد
علم الاقتصاد:
الاقتصاد هو علم من علوم الاجتماع يدرس سلوك الانسان والرفاهية باعتبارها علاقة بين الغايات والاهداف التي يمكن تحقيقها بطرق متعددة وبين الموارد المتاحة وهي بطبيعتها محدودة ونادرة
يقوم الاقتصاد على عدة نظريات تساعد في تفسير وفهم الظواهر الاقتصادية وتقديم حلول للمشكلات التي تواجه المجتمعات.
ومن الناحية اللغوية كلمة اقتصاد تعني التوسط بين الاسراف والتقتير ويقال فلان مقتصد في نفقته أي معتدل في صرف المال.
وقد تعددت التعاريف لمفهوم الاقتصاد لكن من اكثر التعريفات شيوعا هو ما قدمه ليونيل روبنز حيث يرى أن الاقتصاد علم يهتم بدراسة السلوك الانساني كعلاقة بين الغايات والموارد النادرة التي لها استعمالات مختلفة.
الندرة تعني ان الموارد لا تكفي لتلبية كل الرغبات والحاجات البشرية وهي ما يعرف بالمشكلة الاقتصادية أي ان الانسان يضطر للاختيار بين بدائل متعددة ويتأثر اختياره بما يتوفر لديه من موارد ودوافع.
يقسم الاقتصاد عادة إلى اقتصاد جزئي واقتصاد كلي وكذلك اقتصاد وصفي وموضوعي واقتصاد معياري
كما تستعمل كلمة اقتصاد الدولة للدلالة على حالتها المالية وكل ما يتعلق بالانتاج والتوزيع والانفاق وسوق العمل وغير ذلك فنقول بعض الدول اقتصادها قوي ودول اخرى اقتصادها ضعيف.
ويستعمل الاقتصاد أيضا لشرح كيفية عمل النظم الاقتصادية وما يربط اطرافها من علاقات داخل المجتمع كما تطبق أساليب التحليل الاقتصادي على مجالات تمس حياة الافراد مثل الجريمة والتعليم والصحة والقانون والسياسة والدين وحتى الحرب.
وللاقتصاد تعاريف كثيرة لكن جوهره يبقى في تحقيق التوازن والاكتفاء الذاتي ودعم النمو والوفرة في المال.
فروع علم الاقتصاد:
فروع علم الاقتصاد تشكل الأساس لفهم كيفية عمل النظام الاقتصادي وهي تنقسم إلى فرعين اساسيين كل فرع منهما يدرس جانب محدد من النشاط الاقتصادي بشكل متكامل مع الآخر.
فالاقتصاد الجزئي: يهتم بدراسة السلوك الفردي سواء كان فرد واحد او مجموعة صغيرة او شركة محدودة الحجم حيث يركز على القرارات التي يتخذها الناس في حياتهم اليومية مثل قرار الادخار او الانفاق او اختيار سلعة معينة دون غيرها وكذلك يتابع كيفية تشكل الاسعار في السوق والمنافسة بين البائعين وطريقة عمل المؤسسات التجارية والانتاجية ويهتم ايضا بكيفية تفاعل العرض والطلب وتأثير ذلك على التوازن في السوق ولهذا يعتبر الاقتصاد الجزئي الاداة التي تشرح التفاصيل الدقيقة داخل المجتمع الاقتصادي.
اما الاقتصاد الكلي: فيتجاوز هذا المستوى الصغير لينظر الى الصورة الكبيرة فهو يدرس الاقتصاد الوطني او حتى الاقتصاد العالمي بشكل اشمل ويتابع قضايا مهمة مثل التضخم واسعار الفائدة ومعدلات البطالة والنمو الاقتصادي والسياسات المالية والنقدية التي تضعها الحكومات ويبحث في كيفية تحقيق الاستقرار الاقتصادي والتوازن بين الانتاج والاستهلاك وبين الادخار والاستثمار كما يساعد في وضع الخطط الاقتصادية التي تدعم التنمية وتحد من الازمات الاقتصادية.
بهذا يكون الاقتصاد الجزئي والاقتصاد الكلي مكملان لبعضهما حيث يشرح الاول التفاصيل الصغيرة التي تشكل اساس الاقتصاد بينما يشرح الثاني الاتجاهات الكبرى التي تحدد مسار المجتمعات والدول وكلاهما ضروري لفهم الصورة الكاملة للاقتصاد وكيفية تحسينه.
تطور مدارس الفكر الاقتصادي:
تطور الفكر الاقتصادي كان رحلة طويلة بدأت مع الحضارات القديمة مثل الاغريقية والرومانية والهندية ثم الصينية والفارسية والحضارة العربية.
عرفت تلك العصور ظهور مفكرين كبار مثل ارسطو الفيلسوف المعروف وشاناكيا الوزير في امبراطورية موريا في شرق اسيا وابن خلدون العالم العربي الشهير الذي كتب مقدمته الشهيرة في القرن الرابع عشر.
ويرى بعض الباحثين مثل جوزيف شومبيتير ان العلماء بين القرن الرابع عشر والسابع عشر هم من وضعوا الاساس الحقيقي لعلم الاقتصاد الحديث ووصف ابن خلدون بانه كان رائد في افكاره حيث ان كثيرا من نظرياته لم تكن معروفة في اوروبا الا بعد قرون.
بعد ذلك ظهرت مدارس اقتصادية مثل المدرسة الطبيعية الفيزيوقراطية والمدرسة التجارية المركنتلية وقد ادت افكارهم إلى ظهور القومية الاقتصادية ثم الرأسمالية الحديثة في اوروبا ثم جاء.
الاقتصاد الكلاسيكي: الذي ارتبط باسم آدم سميث وكتابه الشهير ثروة الامم الذي اعتبر بداية ميلاد الاقتصاد كعلم مستقل حيث تحدث عن عوامل الانتاج وهي الارض والعمل ورأس المال ورأى ان هذه العوامل هي اساس ثروة الامم.
آدم سميث كان يؤمن بان السوق قادر على تنظيم نفسه بنفسه وانه يشبع حاجات الناس بشكل تلقائي وهذا ما سماه اليد الخفية التي تدفع الناس إلى العمل لمصلحتهم الشخصية لكن في النهاية يستفيد المجتمع كله.
وقد اخذ سميث بعض الافكار من المذهب الطبيعي ودمجها مع افكاره لكنه رفض القول بان الزراعة وحدها هي مصدر الثروة.
اما الاقتصاد الماركسي: فقد اسسه كارل ماركس الذي دعا إلى الغاء الملكية الفردية من خلال ثورة الطبقة العاملة على الطبقة الرأسمالية وبعدها تقود هذه الطبقة الدولة حتى الوصول إلى مجتمع شيوعي يقوم على المساواة والعدل في توزيع الموارد.
ومع مرور الوقت تراجعت الماركسية ليس بسبب فشلها كما يظن البعض بل بسبب الانحرافات التي لحقت بها والانقلاب عليها في ستينيات القرن الماضي حيث سيطرت الطبقة الوسطى وخاصة العسكر ثم انهار الاتحاد السوفيتي لاحقا لأسباب اجتماعية وسياسية وليس بسبب الفكر الماركسي نفسه.
ثم ظهر الفكر الكينزي: على يد الاقتصادي البريطاني جون مينارد كينز الذي رأى ان الدولة يجب ان تتدخل في الاقتصاد عند الحاجة وان السوق وحده غير قادر دائما على تحقيق التوظيف الكامل.
ركز كينز على فكرة الطلب الكلي واعتبره المحرك الاساسي للنشاط الاقتصادي خصوصا في فترات الركود وان الحكومة تستطيع عبر زيادة الطلب ان تخفف البطالة وتواجه الكساد.وكان كينز يختلف مع الكلاسيكيين الذين اعتقدوا ان الاقتصاد يعود تلقائيا إلى حالة التوظيف الكامل بينما يرى كينز ان هذه الحالة نادرة الحدوث وليست مضمونة دائما.
مجالات علم الاقتصاد:
مجالات علم الاقتصاد كثيرة ومتشعبة ويهتم هذا العلم بدراسة المال والنمو والتنمية والمالية العامة والاقتصاد الدولي وغيرها من المجالات التي تفسر حركة المجتمعات.
المال: يعد من اهم مجالات الاقتصاد حيث ان سيطرة الحكومات على المال كانت من اقدم وظائف الدولة وفي القرن الثامن عشر بدأ الاهتمام بتأثير حجم المال على الاسعار وعلى النشاط الاقتصادي بشكل واسع وفي القرن التاسع عشر ظهرت نظرية كمية المال التي تقول ان أي تغير في كمية المال يؤدي الى تغير في مستوى الاسعار بشكل يتناسب مع كمية المال المتداول.
اما مجال النمو والتنمية: فهما مجالان مختلفان لكنهما مرتبطان معا حيث ان دراسة التنمية تعتبر من الحقول الاساسية في الاقتصاد بجانب الاقتصاد الكلي والجزئي بينما النمو الاقتصادي يهتم اكثر بدراسة مسارات التوازن الاقتصادي وكيفية الوصول اليه ولا يكتفي بمراقبة حالة التوازن فقط.
المالية العامة: هي فرع مهم ظهر الاهتمام به منذ القرن التاسع عشر وكان التركيز وقتها على مشكلات الضرائب وكيفية توزيعها ثم جاء الاقتصاد الكينزي الذي ركز على النفقات الحكومية وعلاقتها بمستويات التوظيف والدخل.
الاقتصاد الدولي: كذلك من المجالات التي شغلت علماء الاقتصاد منذ زمن بعيد حيث وضعوا نظريات تشرح التجارة بين الدول وكيف توزع الارباح الناتجة عنها كما تمت اعادة دراسة نظرية ريكاردو للتجارة الدولية وطورت لتصبح نظرية هيكشر اوهلين التي تربط التجارة بوفرة عناصر الانتاج مثل رأس المال والعمالة والارض وهناك ايضا نظرية ميزان المدفوعات التي تشرح سوق العملات الاجنبية وعلاقته بسعر الصرف وبمستوى النشاط الاقتصادي في الدولة.
خصائص علم الاقتصاد:
خصائص علم الاقتصاد كثيرة ومهمة وهو يختلف عن باقي العلوم الاجتماعية بانه يمتلك مجموعة من المصطلحات الخاصة به التي يستخدمها الباحثون والدارسون مثل العرض والطلب والكفاءة والمرونة وغيرها وهذه المصطلحات ليست مجرد كلمات بل هي ادوات تساعد في تحليل المشكلات الاقتصادية وفهمها بطريقة علمية وتساعد ايضا على توحيد الفهم بين المهتمين بالاقتصاد في مختلف الدول مما يجعل الحوار الاقتصادي اكثر وضوحا وانتظاما.
ويعتمد علم الاقتصاد على المنهج الموضوعي في البحث العلمي فهو لا يعتمد على الاراء الشخصية بل يسعى إلى دراسة الظواهر الاقتصادية بشكل حيادي ودقيق ليصل إلى نتائج يمكن الاعتماد عليها وهذا ما يجعل الاقتصاد علما قائما على الملاحظة والتحليل واستخدام البيانات والاحصاءات لدراسة كل ما يتعلق بالانتاج والتوزيع والاستهلاك.
كما ان الاقتصاد يسهل على الباحثين فهم اسباب المشكلات الاقتصادية مثل البطالة والتضخم وكيفية علاجها ويقدم لهم ادوات للتنبؤ بما قد يحدث في المستقبل بناء على المعطيات الحالية ومن هنا تظهر اهمية الاقتصاد في توجيه السياسات العامة ومساعدة الحكومات على اتخاذ القرارات المناسبة التي تحقق التوازن والاستقرار في المجتمع.
ومن خصائص الاقتصاد ايضا انه علم متجدد يتطور مع تطور المجتمعات فكلما ظهرت مشكلات جديدة او تغيرت طبيعة العلاقات الاقتصادية بين الدول تطورت النظريات الاقتصادية وظهرت افكار جديدة تواكب هذه التغيرات وهذا يجعل الاقتصاد علما حيويا يواكب الحياة اليومية للناس ويؤثر في حياتهم بشكل مباشر سواء في الاسعار او مستوى المعيشة او فرص العمل.